إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شرح لمعة الاعتقاد
272249 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيمان بالأقدار

وذكر بعد ذلك الإيمان بالأقدار؛ يعني الذي يلزمنا الإيمان به، بالقضاء والقدر كما تقدم.
فالحاصل أن الأمة الإسلامية يعترفون بوجوب طاعة ولاة أمورهم وأمرائهم ولا يجيزون الخروج عليهم ولا قتالهم، كما سيأتينا أيضا إن شاء الله، وكذلك أيضا لا يجيزون أو لا يمنعون من الصلاة خلف ولاة الأمور؛ ولو كان فيهم ما كان، بل كان الصحابة رضي الله عنهم والتابعون وتابعوهم يصلون خلف الحجاج .
ولما وكله عبد الملك على إقامة الحج أمره بأن يقتدي بابن عمر رضي الله عنه؛ لأن ابن عمر من بقايا الصحابة ومن أكابرهم، فكان يقتدي به يقول: متى نقف؟ ومتى ننصرف؟ وكذلك أيضا لما كان في العراق كان يخطب وكانوا يصلون خلفه الجمعة والعيد، وقبله أمير أمره عثمان رضي الله عنه وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط كان أميرا على العراق يصلي بهم أي الجمعة والأعياد وبعض المواقيت ويصلون خلفه، مع أنه اتهم بأنه يشرب الخمر، وشهد عليه واحد أنه شرب الخمر، وشهد عليه آخر أنه تقيأها، فعند ذلك أمر عثمان رضي الله عنه عليا أن يجلده فأقام عليه الحد، كل ذلك دليل على أنهم يصبرون على الولاة، ولو كان فيهم شيء من الخلل، ولو فعلوا شيئا من المحرمات.

line-bottom